Canalblog
Editer la page Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
Penser fait la grandeur de l'homme

زبالة الياسمين

إنتابني شعور بالقرف والإشمئزاز، واستحوذ عليّ إحساس بالغربة والإحباط والخيبة، عندما شققت طريقي من شارع الحرّيّة متّجها إلى محطّة الأرتال عبر شارع الحبيب ثامر ونهج جمال عبد النّاصر ثمّ نهج إسبانيا ونهج بلجيكا. وكنت أنوي الرّجوع بمخيّلتي إلى أيّام خلت من سنين حياتي حين كنت طفلا في الخمسينات،  وشابّا في أواسط السّتّينات و السّبعينات، حيث اللّعب و المرح ثمّ اللّهو والتّجوال، لمّا كنّا نخرج من أزقّة المدينة العتيقةالعابقة بأريج تاريخها الممتدّ في أعماق الأزمنة الغابرة، لنرتمي في شوارع الحيّ العصريّ حيث الحداثة والفخامة والرّقيّ، لننتقل في وهلة وجيزة من الزّيتونة والأسواق والحجّامين والحفصيّة والحلفاوين وباب سويقة  والدّيوان وعنق الجمل  وصبّاط الظّلام والتّربخانة وتربة الباي إلى لافيجري وجول فيري وشارل ديقول ولافايات ولامارين والبورتيغال وجون جوراس وبوزانسون و ماتز وقامبيتا والبلفيدير. مررت في جولتي تلك أشقّ طريقي فوق الزّبالة، وتحيط بي القمامة من كلّ جانب، تقتحم أنفي روائح كريهة وتغزو أعيني مشاهد مقرفة وتغتصب أذناي ضوضاء الهمجيّة والوقاحة والذّوق الدّنيء. إنتصاب همجيّ لباعة فوضويّين واكتساح بلطجيّ لنازحي ما بعد الثّورة. عذرا سادتي الكرام، المدينة ياتيها الرّيفيّ فتكسوه بأناقتها، والحضارة يَقدِم إليها البدويّ فيتزيّن برفاهتها، ولكن ...هنا أتوقّف...لكي لا أثلب في بني وطني بجهويّة واستعلاء، وهم من أنجزوا ثورة "الياسمين"...ليشتمّ العالم عبيق زبالتنا

Publicité
Publicité
Visiteurs
Depuis la création 14 090
Publicité
Archives
Publicité